: تعريف العولمة :
العولمة في اللغة مأخوذة من التعولُم ، والعالمية ، والعالم .وفي الاصطلاح تعني اصطباغ عالم الأرض بصبغة واحدة شاملة لجميع أقوامها وكل من يعيش فيها وتوحيد أنشطتها الاقتصادية والاجتماعية والفكرية من غير اعتبار لاختلاف الأديان والثقافات والجنسيات والأعراق . ليس هناك تعريف جامع مانع لها ، فهو مصطلح غامض في أذهان كثير من الناس ،ويرجع سبب ذلك إلى أن العولمة ليست مصطلحاً لغوياً قاموسياً جامداً يسهل تفسيرها بشرح المدلولات اللغوية المتصلة بها ، بل هي مفهوم شمولي يذهب عميقاً في جميع الاتجاهات لتوصيف حركة التغيير المتواصلة . ولكن مما يلاحظ من التعريفات التي أوردها الباحثون والمفكرون التركيز الواضح على البعد الاقتصادي لها ، لأن مفهوم العولمة بداية له علاقة وطيدة بالاقتصاد والرأسمالية وهذا ما جعل عدداً من الكتاب يذهبون إلى أن العولمة تعني : تعميم نموذج الحضارة الغربية – خاصة الأمريكية – وأنماطها الفكرية و السياسية والاقتصادية والثقافية على العالم كله .
مقدمة حول العولمة:
أخذت العولمة حيزاً لا بأس به في الأدبيات العربية السياسية منها والاقتصادية والثقافية ، حتى اعتقد البعض – للأسف الشديد – أنه هو صانعها . وهذه المشكلة من المشكلات التي نعاني منها نحن العرب (حتى أطلق على الفرد منا " العالم بكل شيء ") ، وهذا شأننا مع الكثير من المصطلحات الأخرى التي تنتجها مجتمعات وأقوام لا علاقة لنا بها ، إلا أننا ندافع عنها مع عدم علما بأصولها وأهدافها .
المجتمعات العربية والعولمة
1- الخصوصية الثقافية للمجتمع العربي :-
المجتمع العربي من المجتمعات العريقة ، الذي حافظ عبر قرون مضت على ثقافة إسلامية عربية واحدة ، تمايزت هذه الثقافة عن الثقافات الأخرى كالفارسية والرومانية والإغريقية وتفوقت عليها .
وقبل البدء في دراسة العولمة ومدى توافقها في المجتمعات العربية ، يجب علينا التعرف على الجوانب المختلفة التي تعيشها المجتمعات العربية . فالأوضاع الاقتصادية تعتمد أساساً على النفط الذاهب في الاندثار ، وترتكز على المنتجات العربية التي تعد من منتجات العالم الثالث ذو الجودة الضعيفة ، والقدرة التنافسية المنخفضة .
وسياسياً ، فإن المجتمعات العربية تعاني من أنظمة حكم شبه سلطوية ، قائمة على رضا وقبول الشعب لها (ولو بجزء ضئيل من الشعب ) ، فإن أرادت الأنظمة الحاكمة تكييف مظاهر العولمة بشرط ألا تتعارض مع مصالحها ، لفعلت ذلك .
كذلك فإن التأثير الاقتصادي للعولمة على تلك المجتمعات ، المعتمدة في بقائها على سلع ومنتجات ضعيفة ، سيكون ذو تأثير سلبي خصوصاً بعد فتح الأبواب الجمركية لتلك السلع الأجنبية التي سوف تدخل وتكسح الأسواق المحلية وتنثرها
قال تعالى :"إن تنصروا الله ينصركم " صدق الله العظيم ، وطرق نصر الله ، منها على سبيل المثال لا الحصر ، الحفاظ على الإسلام وثقافته المميزة
المجتمع العربي … بين الأخذ بالعولمة وتركها :-
نتيجة للانقسام العالمي اتجاه العولمة بين فريقين مؤيد ومعارض ، فإن المجتمع العربي لا يعيش في عزلة عن التطورات التي تحدث في الساحة العالمية ، وبذلك انقسم المجتمع العربي إلى تيارين :
أولاً: تيار الأخذ بالجوانب الإيجابية للعولمة /
يدعي هذا التيار أن للعولمة جوانب سلبية وأخرى إيجابية ، وأن إيجابياتها في غاية الأهمية ، خصوصاً بعد تطبيقها في المجتمعات العربية ، ونرد على أصحاب هذا الاتجاه ، بأن بداية الأخذ بالجوانب الإيجابية ، تؤدي إلى اتباع ما يلي :
1. تحرير التجارة الخارجية والمساهمة فيها .
2. إزالة كل العراقيل والعقبات أمام السلع الأجنبية لاكتساح الأسواق المحلية .
3. إتاحة فرصة التنافس التجاري بين السلع الأجنبية والسلع المحلية .
بطبيعة الحال التجارة الخارجية خارجة عن طوعنا ، لأن الولايات المتحدة والسوق الأوروبية هما اللذان تتحكمان بالتجارة الخارجية وتحريرها ، ونحن لا نستطيع المساهمة فيها لعدم امتلاكنا للرأس المال اللازم فيها .فإذا ارتضت المجتمعات العربية الأخذ بالاعتبارات السابقة ، فإنها سوف تجعل نفسها أمام مواجهة مصيرية بين الجودة العالية للمنتجات الأجنبية وبين الجودة الرخيصة للمنتجات العربية المحلية .
ثانياً: تيار يناشد بعدم التورط في العولمة /
هذا التيار كشف اللعبة الخطيرة التي قامت بها منظمة الاقتصاد العالمي ( الجات) ، تحت ضغط الشركات متعددة الجنسيات ، التي تلعب دوراً سياسياً واقتصادياً في الضغط على حكومات الدول . ويعطي هذا التيار المبررات التالية :
1. الدخول في لعبة العولمة يعني البقاء للأقوى ، والمجتمعات العربية ليست بدرجة عالية من القوة لمواجهة لعب غربية تمس ثقافته .
2. إذا كان البقاء للأقوى فإن دول العالم الثالث ، تكون بين خيارين :
-إما الانضمام إلى دول أخرى : وبذلك تكون تلك الدول لا وجودية ، وهذا ما ترفضه معظم الدول .
-أو القبول بالمواجهة : والتي سوف تحدد من سيبقى .
منقول عن:منتدى سوق الدوحة
والموسوعة الثقافية المصغرة.